البنك الدولي: موازنة ٢٠٢٤ فرصة ضائعة للتغيير
Monday, 29-Apr-2024 06:34

توقّع البنك الدولي أن يسجّل لبنان انكماشاً اقتصاديّاً بنسبة 0.2% في العام 2023، بعدما كان قد انكمش الإقتصاد اللبناني بنسبة 0.6% في العام 2022 وبنسبة 7.0% في العام 2021، متوقّعاً نموّاً إقتصادياً بنسبة 0.5% في العام 2024.

وقد عزى البنك الدولي هذا الإنكماش إلى تصاعد النزاع في جنوب لبنان جراّء الحرب على قطاع غزّة، والذي تسبّب بمئات الضحايا والمصابين بالإضافة إلى النزوح الداخلي لحوالى 90،000 فرد.

 

وبحسب تقرير «آفاق الفقر في لبنان» الصادر عن البنك الدولي، فإنّ مئات المنازل في جنوب لبنان قد تضرّرت من العدوان على الجنوب، بالإضافة إلى الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتيّة، كما وأنّ الأراضي الزراعيّة قد تلقّت أضراراً جسيمة إضافةً إلى حرائق وتلوّث. وقد تسبّب النزاع بصدمات في القطاع السياحي خلال الفصل الرابع من العام 2023، الأمر الذي أثّر على النموّ الإقتصادي. وقد أشار البنك الدولي إلى أنّ النزاع في الجنوب قد زاد من حدّة الصدمات في لبنان، والذي لا يزال يعاني من أزمة اجتماعيّة واقتصاديّة كبيرة في ظلّ الفراغات السياسيّة والمؤسّساتيّة (فراغ رئاسي، حكومة تصريف أعمال، إنجازات محدودة للمجلس النيابي وغياب الإرادة السياسيّة للقيام بالإصلاحات الأساسيّة والضروريّة). وقد أشار التقرير أيضاً إلى أنّ النموّ الإقتصادي في لبنان خلال العام 2023 كان ليصبح إيجابيّاً عند 0.2% (وذلك نتيجة إيرادات سياحيّة قويّة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام) لولا اندلاع الحرب في غزّة.

 

من منظارٍ آخر، أشار تقرير البنك الدولي إلى أنّه من المتوقّع أن تكون الإيرادات الحكوميّة قد زادت من 6.1% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2022 إلى 15.3% في العام 2023 بسبب التدابير المعتمدة في موازنة العام 2022 (والتي أصبحت فعّالة في العام 2023) والقرار ببدء تحصيل رسوم المرفأ والمطار بالدولار الأميركي في العام 2023.

 

الموازنة فرصة ضائعة

 

كشف التقرير أيضاً، أنّ قرار إدارة مصرف لبنان الجديدة، بالامتناع عن تمويل الموازنة خلال النصف الثاني من العام 2023، يفسّر الفائض في الموازنة (0.5% من الناتج المحلّي الإجمالي) والفائض الأوّلي (1.6% من الناتج المحلّي الإجمالي) خلال العام 2023. وقد ذكر التقرير أيضاً أنّ مجلس النوّاب قد أقرّ موازنة العام 2024، والتي تتوقّع تصفير العجز في الموازنة وتحقيق إيرادات عند 17.3% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2024، مع العلم بأنّ الرصيد في الموازنة لا يأخذ في الاعتبار دفعات على موازنات سابقة ودين الحكومة المعنون بالدولار الأميركي. وقد علّق البنك الدولي في هذا الإطار بأنّ موازنة العام 2024 تمثّل فرصة ضائعة لتمرير التغييرات الضروريّة للموازنة والسياسة الماليّة. من جهةٍ أخرى، فقد أشار التقرير إلى أنّ سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي قد استقرّ عند حوالى الـ89،700 ليرة لبنانيّة للدولار الأميركي الواحد منذ منتصف العام 2023، في وقت تمّ تغيير إدارة مصرف لبنان. ويعود استقرار سعر الصرف إلى توقيف العمل بمنصّة صيرفة وزيادة تدفّقات الأموال الخارجيّة الناتجة من السياحة وتحويلات المغتربين إضافةً إلى الإنخفاض في حجم النقد المتداول.

 

احتياطي المركزي

 

في الإطار عينه، إرتفع إجمالي إحتياطات مصرف لبنان بـ883 مليون د.أ. في الأشهر الخمسة الأخيرة من العام 2023. وقد زادت نسبة التضخّم إلى 221.3% في العام 2023 نتيجة التراجع الكبير في سعر صرف العملة المحليّة مقابل الدولار الأميركي في النصف الأوّل من العام 2023. إلّا أنّ إستقرار سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي في النصف الثاني من العام قد أدّى إلى انخفاض تدريجي في متوسّط نسبة التضخّم الشهريّة إلى 1.2% بين شهر آب وشهر كانون الأوّل (مع استثناء شهر تشرين الأوّل الذي شهد ارتفاعاً بستّة أضعاف في كلفة التعليم في مؤشّر تضخّم الأسعار). وقد قدّر التقرير بأن يكون قد تراجع العجز في الميزان الجاري إلى 11% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2023، بعدما كان قد زاد إلى 32.7% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2022.

 

يأتي هذا التراجع (من 6.9 مليارات د.أ. في العام 2022 إلى 2.0 مليار د.أ. في العام 2023) بشكلٍ أساسي، إلى الإنخفاض في العجز في تجارة السلع والفائض في تجارة الخدمات (بنسبة 10% من الناتج المحلّي الإجمالي). وقد أشار البنك الدولي إلى أنّه في حال تأقلم لبنان مع الوضع الأمني المتقلّب، وإذا توقّفت التوتّرات في الجنوب في النصف الثاني من العام الجاري، قد يسجّل لبنان نموّاً إقتصادياً حقيقياً في العام 2024 كما هو مبيّن في الجدول أدناه. وبحسب التقرير، ومع غياب خطّة لمعالجة الأزمة وبرنامج يؤدي إلى نموّ إقتصادي، فمن المرجّح أن يزيد إستنزاف رأس المال البشري والإجتماعي والطبيعي للبلاد.

 

أخيراً، كشف البنك الدولي، أنّه يتوقّع إنخفاض نسبة تضخّم الأسعار في لبنان إلى 83.9% في العام 2024، إذ أنّ جميع مكوّنات المؤشّر قد أصبحت مدولرة.

الأكثر قراءة